الموسيقى خلال فترة كورونا فيروس
في ظل ما يعانيه العالم اليوم ، من مخاطر وباء كورونا ، وفي محاولة للتغلب على الخوف والذعر الذي خلفه هذا الوباء ، وكآلية للتنفيس عن الروح ، لم يجد العديد من الفنانين والموسيقيين المغاربة، كما هو الحال في بقية العالم ، فإن آلاتهم الموسيقية وأصواتهم فقط ، تطلق العنان لإبداعهم كمنفذ للتنفس ، وكسر روتين الحجر الصحي الذي تفرضه السلطات لمنع انتشار المرض.
من المؤكد أن المجتمع ، في مواجهة هذا الوباء ، يحتاج إلى دعم نفسي للخروج من جميع الآثار الجانبية التي يمكن أن تسببها رهاب هذا الفيروس ، وفي هذا الصدد جميع المساهمات الإيجابية في المجال الإنساني لتخفيف الناس في هذا المحنة التي أثرت على العالمين ضرورية وملحة.
وهذا يشمل الرسائل الهادفة التي ينقلها الفن الراقي والموسيقى التعبيرية من أجل التخفيف من لحن التعبير عن العواطف والقيم وتحدي هذا الوباء من خلال الشكوى بحيث يتم السيطرة عليه ، ويهزم الخوف ، وسوف يرتفع ، وتسمو الهمم.
في هذه الحالة ، الأستاذ محمد التهامي الحراق، الباحث و متخصص في مجالات الإسلام والصوفية ، يعتبر الموسيقى في أوقات المعاناة والكوارث العامل الرئيسي للترفيه والتهوية ، ويواجه الروح يعتبر الإحراج في هذه اللحظة وقدرة دقة المرحلة العوامل الرئيسية.
وقال الأستاذ الحراق في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إن "الموسيقى تصبح أداة للتعبير عن المشاعر الخفية المتعلقة بالحياة والرغبة في الارتياح والضيق" ، مذكرا أن أولئك الذين يعودون إلى التاريخ الموسيقي يكشفون كيف أزمات الروائع الموسيقية الخالدة التي يرجع تاريخها إلى سياقها والتعبير عن البعد الإنساني العاطفي لشعبها.
وأضاف أن أحد جوانب الموسيقى التي تزدهر في الأزمات هو "تلك الأناشيد والأذكار الدينية التي ازدهر حضورها في مجالس مدح الرسول وإحياء ذكرى في المحافل المغربية العامة والخاصة وخاصة ذكريات الدعاء والذكر. يتوسل ، كما تمثله بهاء ، النصوص الرئيسية التي تفيض مع الدعاء والابتهالات والدعاء لله سبحانه وتعالى لدفع الغمر ورفع حسرة.
ويضيف الأستاذ الحراق في هذا الصدد أنه في زمن الشدائد ولحظات الضيق ترتفع الأيدي وترتفع القلوب إلى الله تعالى بالكشف عن الضيق ورفع الغمة، وقد دأب الأجداد على العناية، ذكرا ومذاكرة، بعيون نصوص التوسل والدعاء، ابتهالا للمولى من أجل دفع الأرزاء والبلاء، ومن ألمع المتون التي عنوا بها متن قصيدة “المنفرجة” ذائعة الصيت.
استجابة للتدابير الاحترازية التي اتخذتها السلطات المغربية لمواجهة انتشار هذا الوباء ، ألغت الجمعيات الثقافية والفنية والموسيقية اللقاءات والمهرجانات والمظاهرات التي ستنظم وتنظم ، حتى يتمكن كل مبدع في معتكفه الفني يقوم بصياغة عمل فني من خلاله يدعو المواطنين لمرافقة منازلهم.
هناك فنانين مغاربة جعلوا فيروس كورونا مثالاً على العمل الإبداعي ، وموضوعاً لحفل موسيقي بارع يعود إلى هذا الوباء الذي أصاب العالم ، مثل الفنان المغربي نعمان لحلو ، الذي أصدر أغنية عن هذا الفيروس القاتل.
إن إنتاج ألحان عالية المستوى ، إذا تم خلطه بكلمة مدروسة والاتجاه الصحيح ، يمكن أن يجمع بين المشاعر لمشاركة التضامن والمقاومة ضد هذا الفيروس ، وكان هذا واضحًا في عمل نعمان لحلو ، تلحينا والغناء.
وقد أرخ الفنان نعمان لحلو، نغميا، اجتياح هذا الوباء اللعين بكلمات لسعيد المتوكل يقول فيها “كان وكان ويا ما كان .. كورونا صبحت عنوان .. وقت الشدة فينا طيبة .. فينا معدن لازم يبان .. فينا الخير الله كبير .. خلق الرحمة فطبع الإنسان .. واليوم ايلا المحنة كبرات .. والخوف سكن فينا طوفان .. وقت الشدة فينا طيبة .. فينا معدن لازم يبان”.
وفي تفاعل مع تداعيات انتشار وباء كورونا، ومساهمة منه في الجهد الوطني التوعوي للتصدي لهذا الوباء، أصدر الملحن المغربي عزيز حسني أغنية توعوية من ألحانه وكلماته تحت عنوان “كورونا قاتل النفوس”، يبعث من خلالها رسائل توعية لمواجهة هذا الوباء، كما قدم الفنان حاتم عمور، بدوره، أغنية تحمل عنوان “نحمي البلاد” أشاد فيها بالتضحيات التي يقدمها العديد من المسؤولين في مجموعة من القطاعات لضمان سلامة المواطنين.
بعد الإعلان عن الوضع الصحي في المغرب بسبب فيروس كورونا ، أصدرت مجموعة من الفنانين المغاربة أغنية تسمى "خالك فالدار" حاولوا فيها تثقيف وتوعية الناس بالبقاء في المنزل واحترام جميع التدابير الوقائية لمكافحة هذا الوباء.
كما أصدرت الفنانة هدى سعد أغنية تحت عنوان “الرجا فالله”، من ألحان نعمان لحلو، حيث اعتبرت، في تدوينة لها أرفقتها بمقطع فيديو كليب الأغنية، أن هذه الأخيرة “وقفة إجلال وإكبار لكل الأشخاص الذين يتواجدون في الصفوف الأمامية، حتى نبقى نحن بعيدين عن هذا الوباء الذي ألم بالبشرية، لن ننسى لكم تضحياتكم، وهذه الأغنية عربون محبة وشكر”.
من جانبه أصدر مغني الراب المغربي زعار أغنية بعنوان "Covid 19" أوضح فيها بكلمات بسيطة أعراض الإصابة بالفيروس وكتب رسالة مباشرة للشباب المغربي يحثهم فيها على البقاء في منازلهم لمنع انتشار الفيروس.
وفي وصلة إشهارية، حرص المنشد محمد اعبود، استلهاما منه من تراث الفنان الراحل عبد الصادق شقارة، على دعوة المواطنين إلى ملازمة بيوتهم عبر مقطع من أغنية “أنا مزاوك” للفنان الراحل، التي حور مضمونها ليتساوق مع موضوع الجائحة : “خليك فدارك .. أنا فيك مزاوك فيك مزاوك / أوما تخروجشي .. فكر غير فصحتك وفاحبابك / خليك بعقلك .. راه هاذي بلادك هاذي بلادك”.
أما عازف العود المغربي بدر الأصيلي، فقد خاض أول تجربة له في مجال التأليف الموسيقي، حيث أطلق، على صفحته الفايسبوكية، عملا فنيا مصحوبا بعزف له على آلة العود تضمن متنه الشعري “يا بني الإنسان كورونا راها امتحان .. غزات البلدان .. صغير وكبير حتى واحد ما ابقا فأمان .. “. وآثر العديد من الفنانين المغاربة، في حجرهم الصحي، أن يعانقوا آلاتهم الموسيقية ويؤدوا أغاني تمتح من التراث العربي والمغربي الأصيل، كما الفنانة شهرزاد هلال التي اختلت في زاوية من منزلها تؤدي بعودها إحدى أغاني بلبل الشرق، ونشرتها على موقع للتواصل الاجتماعي.
وبدوره، اقتنص الفنان والإعلامي عبد السلام الخلوفي لحظة من زمن كورونا ليداعب بأنامله آلة العود، وليبتهل إلى الله تعالى ليرفع هذا البلاء والوباء عن البلاد والعباد، كما اختار مقطع ا دال ا ومناسب ا لهذه الظرفية العصيبة التي يجتازها العالم، من قصيدة “رباعيات الخيام”، تقول أشعاره : “يا من حار الفهم في قدرتك .. وتطلب النفس حمى طاعتك / أسكرني الإثم ولكنني .. صحوت بالآمال في رحمتك / إن لم أكن أخلصت في طاعتك .. فإنني أطمع في رحمتك / وإنما يشفع لي أنني قد .. عشت لا أشرك بوحدتك”.
وقال الفنان الخلوفي، في اتصال معه، “دوما وأبدا كانت الموسيقى غذاء للروح، وبلسما لها تداوي الجروح، في اللحظات العصيبة التي يجتازها الإنسان، ويحار فيه فهمه وتعجز حيلته، ولا يجد أي حل ذي طابع مادي محسوس، يبقى الملاذ الأمثل هو الموسيقى، فلغتها أسمى من كل اللغات، وتترفع عن المحسوسات لتخاطب الوجدان”.
تعليقات
إرسال تعليق